السؤال: إن الله تعالى قد كتب أعمال العباد في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وقد كتب أن فلاناً سيدخل الجنة وأن فلاناً سيدخل النار، فإذاً لماذا جعلنا نعمل؟ وأنا عندي التباس في الجواب، أفيدوني جزاكم الله خيراً؟
الجواب: السؤال لا غرابة فيه، فالصحابة رضي الله عنهم، قالوا: {
يا رسول الله! ففيم العمل } وهكذا لما كانوا في جنازة وجلسوا حوله وكأن على رءوسهم الطير، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {
ما من نفس منفوسة إلا وكتب الله مقعدها من الجنة أو النار، قالوا: يا رسول الله! أفلا نتكل على الكتاب وندع العمل؟ قال: لا. بل اعملوا فكل ميسر لما خلق له}.
فنقول للأخت الكريمة كما في السؤال: إن الله كتب أعمال العباد، وأنت قلتي: هكذا كتب الله أعمال العباد في اللوح المحفوظ.
إذاً: ما الذي يدريك أنه كتب أن أعمالك خير أو شر: ((
وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ)) [آل عمران:179].
إذاً فالذي بيدي أنا أن أعمل الخير، فإذا صليت وعبدت وعملت الخير علمت أن الله كتب ذلك؛ لأنه لا يمكن أن يخرج عمل من أعمالي عما كتب الله، بينما لو عصيت وقصرت علمت أن الله كتب ذلك لأنه -فعلاً- لا يمكن أن يخرج عمل من الأعمال عما كتب الله عز وجل.
إذاً الواجب علي أن أجتهد كما قال الله تعالى: ((
إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً))[الإنسان:3] فالسبيل واضح بين فعلي أن أجتهد، فإذا أذن المؤذن، إن استجبت له فأنا قد عملت بأمر الله، وقد حققت ما في اللوح المحفوظ، بأن الله قد استجاب لي، وإن كان غير ذلك فأنا مسئولٌ عنه لأنه أذن ولم أستجب إلا إذا كنت معذوراً، فهذا مما لا ينفي مسئولية العبد، بل مما يوجب العمل بأننا لا نعلم الغيب، حينما استأثر الله بعلمه وأمرنا بالعمل.